باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وقول الله تعالى : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة [يوسف : 108] الآية .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوك لذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب أخرجاه .
ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه " فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال : " أين علي بن أبي طالب ؟ " ، فقيل : هو يشتكي عينيه ، فأرسلوا إليه ، فأتي به فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به - ص 60 - وجع ، فأعطاه الراية ، وقال : " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم . ( يدوكون : أي يخوضون ) .
فيه مسائل :
الأولى : أن الدعوة إلى الله طريق من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثانية : التنبيه على الإخلاص ، لأن كثيرا من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه .
الثالثة : أن البصيرة من الفرائض .
الرابعة : من دلائل حسن التوحيد كونه تنزيها لله تعالى عن المسبة .
الخامسة : أن من قبح الشرك كونه مسبة لله .
السادسة : - وهي من أهمها - إبعاد المسلم عن المشركين ؛ لئلا يصير منهم ، ولو لم يشرك .
السابعة : كون التوحيد أول واجب .
الثامنة : أن يبدأ به قبل كل شيء ، حتى الصلاة .
التاسعة : أن معنى " أن يوحدوا الله " : معنى شهادة أن لا إله إلا الله .
العاشرة : أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب وهو لا يعرفها ، أو يعرفها ولا يعمل بها .
الحادية عشرة : التنبيه على التعليم بالتدريج .
الثانية عشرة : البداءة بالأهم فالأهم .
- ص 61 - الثالثة عشرة : مصرف الزكاة .
الرابعة عشرة : كشف العالم الشبهة عن المتعلم .
الخامسة عشرة : النهي عن كرائم الأموال .
السادسة عشرة : اتقاء دعوة المظلوم .
السابعة عشرة : الإخبار بأنها لا تحجب .
الثامنة عشرة : من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء .
التاسعة عشرة قوله : " لأعطين الراية . . . " علم من أعلام النبوة .
العشرون : تفله في عينيه علم من أعلامها أيضا .
الحادية والعشرون : فضيلة علي رضي الله عنه .
الثانية والعشرون : فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح .
الثالثة والعشرون : الإيمان بالقدر ، لحصولها لمن لم يسع لها ومنعها عمن سعى .
الرابعة والعشرون : الأدب في قوله على رسلك .
الخامسة والعشرون : الدعوة إلى الإسلام قبل القتال .
السادسة والعشرون : أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا .
السابعة والعشرون : الدعوة بالحكمة لقوله : أخبرهم بما يجب عليهم .
الثامنة والعشرون : المعرفة بحق الله في الإسلام .
التاسعة والعشرون : ثواب من اهتدى على يديه رجل واحد .
الثلاثون : الحلف على الفتيا .
- ص 62 - الشرح :
هذا الباب هو " باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله " ، أي : باب الدعوة إلى التوحيد . وقد ذكر في الباب قبله الخوف من الشرك ، وقبله ذكر فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب ، و" باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب " . ولما ذكر بعده الخوف من الشرك : اجتمعت معالم حقيقة التوحيد في نفس الموحد ، فهل من اجتمعت حقيقة التوحيد في قلبه : بأن عرف فضله ، وعرف معناه ، وخاف من الشرك ، واستقام على التوحيد ، وهرب من ضده ، هل يبقى مقتصرا بذلك على نفسه ، ويضن به على غيره ، وهل تتم حقيقة التوحيد في قلبه إلا بأن يدعو إلى حق الله الأعظم ، ألا وهو إفراده - جل وعلا - بالعبادة وبما يستحقه - سبحانه وتعالى - من نعوت الجلال ، وأوصاف الجمال ؟؟! .
بوب الشيخ - رحمه الله - بهذا الباب ؛ ليدل على أن من تمام الخوف من الشرك ، ومن تمام التوحيد : أن يدعو المرء غيره إلى التوحيد ؛ فإنه لا يتم في القلب حتى تدعو إليه ، وهذه حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله ؛ لأن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله علمت حيث شهد العبد المسلم لله بالوحدانية بقوله : أشهد أن لا إله إلا الله ، وشهادته معناها : اعتقاده ونطقه وإخباره غيره بما دلت عليه ، فلا بد - إذا تحقيقا للشهادة ، وإتماما لها - أن يكون المكلف الموحد داعيا إلى التوحيد ؛ لهذا ناسب أن يذكر هذا الباب بعد الأبواب قبله ، ثم إن له مناسبة أخرى لطيفة ، وهي : أن ما بعد هذا الباب هو تفسير للتوحيد وبيان لأفراده ، وتفسير للشرك وبيان لأفراده ، فتكون الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا - ص 63 - الله ، وإلى التوحيد دعوة إلى تفاصيل ذلك . وهذا من المهمات ، لأن كثيرين من المنتسبين للعلم - من أهل الأمصار - يسلمون بالدعوة إلى التوحيد إجمالا ، ولكن إذا أتى التفصيل في بيان مسائل التوحيد ، أو جاء التفصيل في بيان أفراد الشرك ، فإنهم يخالفون في ذلك ، وتغلبهم نفوسهم في مواجهة الناس بحقائق أفراد التوحيد ، وأفراد الشرك .
فالذي تميزت به دعوة الإمام المصلح رحمه الله أن الدعوة فيها إلى شهادة أن لا إله إلا الله دعوة تفصيلية ، ليست إجمالية ، أما الإجمال فيدعو إليه كثيرون ممن يقولون : نهتم بالتوحيد ونبرأ من الشرك ، لكن لا يذكرون تفاصيل ذلك . والذي ذكره الإمام - رحمه الله - في بعض رسائله أنه لما عرض هذا الأمر - يعني الدعوة إلى التوحيد - على علماء الأمصار قال : وافقوني على ما قلت ، وخالفوني في مسألتين : في مسألة التكفير ، وفي مسألة القتال . وهاتان المسألتان سبب مخالفة أولئك العلماء للشيخ ، لأنهما فرعان ومتفرعتان عن البيان والدعوة إلى أفراد التوحيد ، والنهي عن أفراد الشرك .
فالدعاء - إذا - إلى شهادة لا إله إلا الله هو الدعاء إلى ما دلت عليه من التوحيد ، والدعاء إلى ما دلت عليه من نفي الشريك في العبادة ، وفي الربوبية ، وفي الأسماء والصفات عن الله - جل وعلا - وهذه الدعوة دعوة تفصيلية لا إجمالية ؛ ولهذا فصل الإمام - رحمه الله - في هذا الكتاب أنواع التوحيد ، وأفراد توحيد العبادة ، وفصل الشرك الأكبر والأصغر ، فبين أفرادا من ذا وذاك .
وسيأتي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله في الباب الذي بعده ؛ لأنه " باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله " .
- ص 64 - قال - رحمه الله - : ( وقول الله تعالى قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين [يوسف : 108] ) :
هذه الآية من آخر سورة يوسف هي في الدعوة إلى الله ، وسورة يوسف - كما هو معلوم - لمن تأملها هي في الدعوة إلى الله ؛ من أولها إلى آخرها ، فموضوعها - إذا - الدعوة ؛ ولهذا جاء في آخرها قواعد مهمة في بيان حال الدعاة إلى الله ، وحال الرسل الذين دعوا إلى الله ، وما خالف به الأكثرون الرسل ، واستيئاس الرسل من نصرهم ونحو ذلك من أحوال الدعاة إلى الله . وفي آخر تلك السورة قال الله - جل وعلا - لنبيه : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أي سبيلي ومنهجي : أنني أدعو إلى الله ، فمهمة الرسل هي : الدعوة إلى الله - جل وعلا - .
فأحسن الأقوال : قول من دعا إلى الله ، وأحسن الأعمال : عمل من دعا إلى الله - جل وعلا - ؛ ولهذا قال سبحانه : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين [فصلت : 33] قال الحسن البصري - رحمه الله - في تفسير هذه الآية ما معناه : هذا حبيب الله ، هذا ولي الله ، هذا صفوة الله من خلقه ، أجاب الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته ، هذا حبيب الله .
- ص 65 - وهذا أمر عظيم ؛ فالداعي إلى الله هو أحسن أهل الأقوال قولا كما دلت عليه الآية السابقة .
وموطن الشاهد من قوله : هذه سبيلي أدعو إلى الله هو قوله : أدعو إلى الله فإنه دعاء إلى الله - جل وعلا - لا إلى غيره ، وفي هذا فائدتان :
الأولى : أن الدعوة إلى الله دعوة إلى توحيده ، ودعوة إلى دينه ، كما سيأتي تفسير هذه الكلمة في الحديثين بعدها : حديث ابن عباس في إرسال معاذ إلى اليمن ، وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه في إعطاء علي الراية .
فدل قوله - جل وعلا - : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على الفائدة الأولى - كما تقدم - وهي أن الدعوة إلى الله فيها دعوة إلى التوحيد .
الثانية : التنبيه على الإخلاص ، وهذا يحتاجه من أراد الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، والدعاء إلى الإسلام ، يعني أن الداعي إلى الإسلام يحتاج أن يكون مخلصا في ذلك ؛ ولهذا قال الشيخ - رحمه الله - في مسائل هذا الباب : في قوله : إلى الله التنبيه على الإخلاص ؛ لأن كثيرين وإن دعوا إلى الحق فإنما يدعون إلى أنفسهم ، أو نحو ذلك .
وقوله في الآية : على بصيرة البصيرية : هي العلم ، وهي للقلب كالبصر للعين يبصر بها المعلومات والحقائق ، فكما أنك بالعين تبصر الأجرام والذوات ، فإنك ببصيرة القلب والعقل تدرك المعلومات ، والمعنى : أنه دعا على علم ، وعلى يقين ، وعلى معرفة ، لم يدع إلى الله على جهالة .
- ص 66 - وقوله تعالى : أنا ومن اتبعني يعني : أدعو أنا إلى الله وكذلك من اتبعني ممن أجاب دعوتي ، فإنهم يدعون إلى الله أيضا على بصيرة ، وهذا أيضا من مناسبة إيراد الآية تحت هذا الباب ؛ لأن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يدعون إلى الله .
فالمتبعون للرسل - عليهم الصلاة والسلام - والموحدون لله : لا بد لهم من الدعوة إلى الله ، بل هذه صفته صلى الله عليه وسلم وصفتهم التي أمر الله نبيه أن يخبر عنها ، فقال ( قل ) يعني : يا محمد : هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فهذه إذا خصلة أتباع الأنبياء الذين لم يخافوا من الشرك فحسب ، ولم يعلموا التوحيد ويعملوا به فحسب ، بل دعوا إلى ذلك ، وهذا أمر حتمي ولازم ؛ لأن من عرف عظم حق الله - جل وعلا - فإنه يغار على حق الرب سبحانه وتعالى ، وكيف لا يغار على مولاه ، وعلى حق من أحبه فوق كل محبوب من أن يكون توجه الخلق إلى غيره بنوع من أنواع التوجهات ؟! . فلا بد أن يدعو إلى أصل الدين وأصل الملة الذي اجتمعت عليه الأنبياء والمرسلون ، ألا وهو توحيده - جل وعلا - في عبادته ، وفي ربوبيته ، وفي أسمائه وصفاته - جل وعلا وعز سبحانه - .
ثم ساق الإمام - رحمه الله - حديث ابن عباس أنه قال : لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله : هذا موطن الشاهد ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذا أن يكون - ص 67 - أول ما يدعو إليه هو : شهادة أن لا إله إلا الله ، وفسرتها الرواية الأخرى للبخاري في كتاب التوحيد من صحيحه ، وهي بلفظ : إلى أن يوحدوا الله .
فالدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله مأمور بها ، وهي : الدعوة إلى التوحيد . فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر معاذا أن يدعو أهل اليمن ، وكانوا من أهل الكتاب ، يعني : من أهل الكتاب المتعبدين بالتوراة والإنجيل ، فبعضهم كان من اليهود ، وبعضهم من النصارى ، أما المشركون فيهم فهم قليل ، وأكثرهم كان على إحدى الملتين .
قال العلماء : قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ : إنك تأتي قوما أهل الكتاب فيه توطين وتوطئة للنفس بأن يهيئ نفسه لمناظرتهم ، وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه من العلماء بدين الإسلام ، ومن علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فقال له عليه الصلاة والسلام ذلك ليهيئ نفسه لمناظرتهم ولدعوتهم ، ثم أمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه أن يوحدوا الله - جل وعلا - .
وفي إعراب قوله : فليكن أول ما تدعوهم شهادة أن لا إله إلا الله وجهان :
الأول برفع قوله : ( أول ) على أنه اسم لـ ( يكن ) ، ونصب قوله ( شهادة ) على أنه الخبر . فيكون المعنى على هذا الوجه : أنه أخبره عن الأولية ، فابتدأ بالأولية ثم أخبره بذلك الأول .
- ص 68 - الثاني : بنصب قوله : ( أول ) على أنه خبر لـ ( يكن ) مقدم ، ورفع قوله ( شهادة ) على أنه اسمها مؤخر ، فيكون المعنى على هذا الوجه : الإخبار عن الشهادة بأنها أول ما يدعى إليه . وهذان الوجهان جائزان . والمشهور هو الوجه الثاني يعني : بجعل ( أول ) منصوبة ؛ وذلك لأن مقام ذكر الشهادة والابتداء بها هو الأعظم ، وهو المقصود ؛ ليلتفت السامع والمتلقي - وهو معاذ - إلى ما يراد منه أن يخبر به من جهة الشهادة .
فموطن الشاهد من هذا الحديث ، ومناسبة إيراده في الباب : هو ذكر أن التوحيد هو أول ما يدعى إليه ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله .
ثم ساق في الباب أيضا حديث سهل بن سعد الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، فبات الناس يدوكون ليلتهم . . .
قوله : ( بات ) البيتوتة هي : المكث في الليل سواء أكان نوم أو لم يكن .
ومعنى قوله : " يدوكون ليلتهم " أي : يخوضون في تلك الليلة ، و ( باتوا ) يعني ظلوا ليلا يتحدثون من دون نوم ، لعظم هذا الفضل الذي ذكره عليه الصلاة والسلام .
قال : . . . فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقيل : هو يشتكي عينيه ، فأرسلوا إليه ، فأتي به فبصق في عينيه ، ثم دعا له ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام . . . : فقوله : انفذ على رسلك حتى - ص 69 - تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام . هذا هو موطن الشاهد والمناسبة من إيراد هذا الحديث في الباب .
قال : ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ، فالدعوة إلى الإسلام هي الدعوة إلى التوحيد ؛ لأن أعظم أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وضم إليها عليه الصلاة والسلام أيضا أن يدعوهم إلى حق الله فيه ، يعني : إلى ما يجب عليهم من حق الله فيه .
فقوله : وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه . . . يعني في الإسلام ، من جهة التوحيد ، ومن جهة الفرائض ، واجتناب المحرمات ؛ ولهذا يجب أن تبدأ بالدعوة أولا إلى أصل الإسلام ، وهو : التوحيد ، وبيان معنى الشهادتين ثم بيان المحرمات ، والواجبات ؛ لأن أصل الأصول هو أولى الواجبات بالتقديم .
ومما يلاحظ - هنا - أن آية سورة يوسف فيها بيان أن كل الصحابة كانوا دعاة إلى الله - جل وعلا - وإلى التوحيد ، وحديث معاذ يبين أن معاذا كان من الدعاة إلى الله ، وقد فصل فيه نوع تلك الدعوة إلى الله - جل وعلا - وكذلك حديث سهل بن سعد الذي فيه قصة علي فيه أيضا الدعوة إلى الإسلام ، فيكون هذان الحديثان كالتفصيل لقوله في الآية : أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فالدعوة على بصيرة هي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وهي الدعوة إلى توحيده وإلى الإسلام ، وما يجب على العباد من حق الله فيه .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوك لذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب أخرجاه .
ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه " فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال : " أين علي بن أبي طالب ؟ " ، فقيل : هو يشتكي عينيه ، فأرسلوا إليه ، فأتي به فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به - ص 60 - وجع ، فأعطاه الراية ، وقال : " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم . ( يدوكون : أي يخوضون ) .
فيه مسائل :
الأولى : أن الدعوة إلى الله طريق من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثانية : التنبيه على الإخلاص ، لأن كثيرا من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه .
الثالثة : أن البصيرة من الفرائض .
الرابعة : من دلائل حسن التوحيد كونه تنزيها لله تعالى عن المسبة .
الخامسة : أن من قبح الشرك كونه مسبة لله .
السادسة : - وهي من أهمها - إبعاد المسلم عن المشركين ؛ لئلا يصير منهم ، ولو لم يشرك .
السابعة : كون التوحيد أول واجب .
الثامنة : أن يبدأ به قبل كل شيء ، حتى الصلاة .
التاسعة : أن معنى " أن يوحدوا الله " : معنى شهادة أن لا إله إلا الله .
العاشرة : أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب وهو لا يعرفها ، أو يعرفها ولا يعمل بها .
الحادية عشرة : التنبيه على التعليم بالتدريج .
الثانية عشرة : البداءة بالأهم فالأهم .
- ص 61 - الثالثة عشرة : مصرف الزكاة .
الرابعة عشرة : كشف العالم الشبهة عن المتعلم .
الخامسة عشرة : النهي عن كرائم الأموال .
السادسة عشرة : اتقاء دعوة المظلوم .
السابعة عشرة : الإخبار بأنها لا تحجب .
الثامنة عشرة : من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء .
التاسعة عشرة قوله : " لأعطين الراية . . . " علم من أعلام النبوة .
العشرون : تفله في عينيه علم من أعلامها أيضا .
الحادية والعشرون : فضيلة علي رضي الله عنه .
الثانية والعشرون : فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح .
الثالثة والعشرون : الإيمان بالقدر ، لحصولها لمن لم يسع لها ومنعها عمن سعى .
الرابعة والعشرون : الأدب في قوله على رسلك .
الخامسة والعشرون : الدعوة إلى الإسلام قبل القتال .
السادسة والعشرون : أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا .
السابعة والعشرون : الدعوة بالحكمة لقوله : أخبرهم بما يجب عليهم .
الثامنة والعشرون : المعرفة بحق الله في الإسلام .
التاسعة والعشرون : ثواب من اهتدى على يديه رجل واحد .
الثلاثون : الحلف على الفتيا .
- ص 62 - الشرح :
هذا الباب هو " باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله " ، أي : باب الدعوة إلى التوحيد . وقد ذكر في الباب قبله الخوف من الشرك ، وقبله ذكر فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب ، و" باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب " . ولما ذكر بعده الخوف من الشرك : اجتمعت معالم حقيقة التوحيد في نفس الموحد ، فهل من اجتمعت حقيقة التوحيد في قلبه : بأن عرف فضله ، وعرف معناه ، وخاف من الشرك ، واستقام على التوحيد ، وهرب من ضده ، هل يبقى مقتصرا بذلك على نفسه ، ويضن به على غيره ، وهل تتم حقيقة التوحيد في قلبه إلا بأن يدعو إلى حق الله الأعظم ، ألا وهو إفراده - جل وعلا - بالعبادة وبما يستحقه - سبحانه وتعالى - من نعوت الجلال ، وأوصاف الجمال ؟؟! .
بوب الشيخ - رحمه الله - بهذا الباب ؛ ليدل على أن من تمام الخوف من الشرك ، ومن تمام التوحيد : أن يدعو المرء غيره إلى التوحيد ؛ فإنه لا يتم في القلب حتى تدعو إليه ، وهذه حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله ؛ لأن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله علمت حيث شهد العبد المسلم لله بالوحدانية بقوله : أشهد أن لا إله إلا الله ، وشهادته معناها : اعتقاده ونطقه وإخباره غيره بما دلت عليه ، فلا بد - إذا تحقيقا للشهادة ، وإتماما لها - أن يكون المكلف الموحد داعيا إلى التوحيد ؛ لهذا ناسب أن يذكر هذا الباب بعد الأبواب قبله ، ثم إن له مناسبة أخرى لطيفة ، وهي : أن ما بعد هذا الباب هو تفسير للتوحيد وبيان لأفراده ، وتفسير للشرك وبيان لأفراده ، فتكون الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا - ص 63 - الله ، وإلى التوحيد دعوة إلى تفاصيل ذلك . وهذا من المهمات ، لأن كثيرين من المنتسبين للعلم - من أهل الأمصار - يسلمون بالدعوة إلى التوحيد إجمالا ، ولكن إذا أتى التفصيل في بيان مسائل التوحيد ، أو جاء التفصيل في بيان أفراد الشرك ، فإنهم يخالفون في ذلك ، وتغلبهم نفوسهم في مواجهة الناس بحقائق أفراد التوحيد ، وأفراد الشرك .
فالذي تميزت به دعوة الإمام المصلح رحمه الله أن الدعوة فيها إلى شهادة أن لا إله إلا الله دعوة تفصيلية ، ليست إجمالية ، أما الإجمال فيدعو إليه كثيرون ممن يقولون : نهتم بالتوحيد ونبرأ من الشرك ، لكن لا يذكرون تفاصيل ذلك . والذي ذكره الإمام - رحمه الله - في بعض رسائله أنه لما عرض هذا الأمر - يعني الدعوة إلى التوحيد - على علماء الأمصار قال : وافقوني على ما قلت ، وخالفوني في مسألتين : في مسألة التكفير ، وفي مسألة القتال . وهاتان المسألتان سبب مخالفة أولئك العلماء للشيخ ، لأنهما فرعان ومتفرعتان عن البيان والدعوة إلى أفراد التوحيد ، والنهي عن أفراد الشرك .
فالدعاء - إذا - إلى شهادة لا إله إلا الله هو الدعاء إلى ما دلت عليه من التوحيد ، والدعاء إلى ما دلت عليه من نفي الشريك في العبادة ، وفي الربوبية ، وفي الأسماء والصفات عن الله - جل وعلا - وهذه الدعوة دعوة تفصيلية لا إجمالية ؛ ولهذا فصل الإمام - رحمه الله - في هذا الكتاب أنواع التوحيد ، وأفراد توحيد العبادة ، وفصل الشرك الأكبر والأصغر ، فبين أفرادا من ذا وذاك .
وسيأتي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله في الباب الذي بعده ؛ لأنه " باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله " .
- ص 64 - قال - رحمه الله - : ( وقول الله تعالى قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين [يوسف : 108] ) :
هذه الآية من آخر سورة يوسف هي في الدعوة إلى الله ، وسورة يوسف - كما هو معلوم - لمن تأملها هي في الدعوة إلى الله ؛ من أولها إلى آخرها ، فموضوعها - إذا - الدعوة ؛ ولهذا جاء في آخرها قواعد مهمة في بيان حال الدعاة إلى الله ، وحال الرسل الذين دعوا إلى الله ، وما خالف به الأكثرون الرسل ، واستيئاس الرسل من نصرهم ونحو ذلك من أحوال الدعاة إلى الله . وفي آخر تلك السورة قال الله - جل وعلا - لنبيه : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أي سبيلي ومنهجي : أنني أدعو إلى الله ، فمهمة الرسل هي : الدعوة إلى الله - جل وعلا - .
فأحسن الأقوال : قول من دعا إلى الله ، وأحسن الأعمال : عمل من دعا إلى الله - جل وعلا - ؛ ولهذا قال سبحانه : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين [فصلت : 33] قال الحسن البصري - رحمه الله - في تفسير هذه الآية ما معناه : هذا حبيب الله ، هذا ولي الله ، هذا صفوة الله من خلقه ، أجاب الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته ، هذا حبيب الله .
- ص 65 - وهذا أمر عظيم ؛ فالداعي إلى الله هو أحسن أهل الأقوال قولا كما دلت عليه الآية السابقة .
وموطن الشاهد من قوله : هذه سبيلي أدعو إلى الله هو قوله : أدعو إلى الله فإنه دعاء إلى الله - جل وعلا - لا إلى غيره ، وفي هذا فائدتان :
الأولى : أن الدعوة إلى الله دعوة إلى توحيده ، ودعوة إلى دينه ، كما سيأتي تفسير هذه الكلمة في الحديثين بعدها : حديث ابن عباس في إرسال معاذ إلى اليمن ، وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه في إعطاء علي الراية .
فدل قوله - جل وعلا - : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على الفائدة الأولى - كما تقدم - وهي أن الدعوة إلى الله فيها دعوة إلى التوحيد .
الثانية : التنبيه على الإخلاص ، وهذا يحتاجه من أراد الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، والدعاء إلى الإسلام ، يعني أن الداعي إلى الإسلام يحتاج أن يكون مخلصا في ذلك ؛ ولهذا قال الشيخ - رحمه الله - في مسائل هذا الباب : في قوله : إلى الله التنبيه على الإخلاص ؛ لأن كثيرين وإن دعوا إلى الحق فإنما يدعون إلى أنفسهم ، أو نحو ذلك .
وقوله في الآية : على بصيرة البصيرية : هي العلم ، وهي للقلب كالبصر للعين يبصر بها المعلومات والحقائق ، فكما أنك بالعين تبصر الأجرام والذوات ، فإنك ببصيرة القلب والعقل تدرك المعلومات ، والمعنى : أنه دعا على علم ، وعلى يقين ، وعلى معرفة ، لم يدع إلى الله على جهالة .
- ص 66 - وقوله تعالى : أنا ومن اتبعني يعني : أدعو أنا إلى الله وكذلك من اتبعني ممن أجاب دعوتي ، فإنهم يدعون إلى الله أيضا على بصيرة ، وهذا أيضا من مناسبة إيراد الآية تحت هذا الباب ؛ لأن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يدعون إلى الله .
فالمتبعون للرسل - عليهم الصلاة والسلام - والموحدون لله : لا بد لهم من الدعوة إلى الله ، بل هذه صفته صلى الله عليه وسلم وصفتهم التي أمر الله نبيه أن يخبر عنها ، فقال ( قل ) يعني : يا محمد : هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فهذه إذا خصلة أتباع الأنبياء الذين لم يخافوا من الشرك فحسب ، ولم يعلموا التوحيد ويعملوا به فحسب ، بل دعوا إلى ذلك ، وهذا أمر حتمي ولازم ؛ لأن من عرف عظم حق الله - جل وعلا - فإنه يغار على حق الرب سبحانه وتعالى ، وكيف لا يغار على مولاه ، وعلى حق من أحبه فوق كل محبوب من أن يكون توجه الخلق إلى غيره بنوع من أنواع التوجهات ؟! . فلا بد أن يدعو إلى أصل الدين وأصل الملة الذي اجتمعت عليه الأنبياء والمرسلون ، ألا وهو توحيده - جل وعلا - في عبادته ، وفي ربوبيته ، وفي أسمائه وصفاته - جل وعلا وعز سبحانه - .
ثم ساق الإمام - رحمه الله - حديث ابن عباس أنه قال : لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله : هذا موطن الشاهد ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذا أن يكون - ص 67 - أول ما يدعو إليه هو : شهادة أن لا إله إلا الله ، وفسرتها الرواية الأخرى للبخاري في كتاب التوحيد من صحيحه ، وهي بلفظ : إلى أن يوحدوا الله .
فالدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله مأمور بها ، وهي : الدعوة إلى التوحيد . فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر معاذا أن يدعو أهل اليمن ، وكانوا من أهل الكتاب ، يعني : من أهل الكتاب المتعبدين بالتوراة والإنجيل ، فبعضهم كان من اليهود ، وبعضهم من النصارى ، أما المشركون فيهم فهم قليل ، وأكثرهم كان على إحدى الملتين .
قال العلماء : قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ : إنك تأتي قوما أهل الكتاب فيه توطين وتوطئة للنفس بأن يهيئ نفسه لمناظرتهم ، وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه من العلماء بدين الإسلام ، ومن علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فقال له عليه الصلاة والسلام ذلك ليهيئ نفسه لمناظرتهم ولدعوتهم ، ثم أمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه أن يوحدوا الله - جل وعلا - .
وفي إعراب قوله : فليكن أول ما تدعوهم شهادة أن لا إله إلا الله وجهان :
الأول برفع قوله : ( أول ) على أنه اسم لـ ( يكن ) ، ونصب قوله ( شهادة ) على أنه الخبر . فيكون المعنى على هذا الوجه : أنه أخبره عن الأولية ، فابتدأ بالأولية ثم أخبره بذلك الأول .
- ص 68 - الثاني : بنصب قوله : ( أول ) على أنه خبر لـ ( يكن ) مقدم ، ورفع قوله ( شهادة ) على أنه اسمها مؤخر ، فيكون المعنى على هذا الوجه : الإخبار عن الشهادة بأنها أول ما يدعى إليه . وهذان الوجهان جائزان . والمشهور هو الوجه الثاني يعني : بجعل ( أول ) منصوبة ؛ وذلك لأن مقام ذكر الشهادة والابتداء بها هو الأعظم ، وهو المقصود ؛ ليلتفت السامع والمتلقي - وهو معاذ - إلى ما يراد منه أن يخبر به من جهة الشهادة .
فموطن الشاهد من هذا الحديث ، ومناسبة إيراده في الباب : هو ذكر أن التوحيد هو أول ما يدعى إليه ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله .
ثم ساق في الباب أيضا حديث سهل بن سعد الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، فبات الناس يدوكون ليلتهم . . .
قوله : ( بات ) البيتوتة هي : المكث في الليل سواء أكان نوم أو لم يكن .
ومعنى قوله : " يدوكون ليلتهم " أي : يخوضون في تلك الليلة ، و ( باتوا ) يعني ظلوا ليلا يتحدثون من دون نوم ، لعظم هذا الفضل الذي ذكره عليه الصلاة والسلام .
قال : . . . فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقيل : هو يشتكي عينيه ، فأرسلوا إليه ، فأتي به فبصق في عينيه ، ثم دعا له ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام . . . : فقوله : انفذ على رسلك حتى - ص 69 - تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام . هذا هو موطن الشاهد والمناسبة من إيراد هذا الحديث في الباب .
قال : ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ، فالدعوة إلى الإسلام هي الدعوة إلى التوحيد ؛ لأن أعظم أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وضم إليها عليه الصلاة والسلام أيضا أن يدعوهم إلى حق الله فيه ، يعني : إلى ما يجب عليهم من حق الله فيه .
فقوله : وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه . . . يعني في الإسلام ، من جهة التوحيد ، ومن جهة الفرائض ، واجتناب المحرمات ؛ ولهذا يجب أن تبدأ بالدعوة أولا إلى أصل الإسلام ، وهو : التوحيد ، وبيان معنى الشهادتين ثم بيان المحرمات ، والواجبات ؛ لأن أصل الأصول هو أولى الواجبات بالتقديم .
ومما يلاحظ - هنا - أن آية سورة يوسف فيها بيان أن كل الصحابة كانوا دعاة إلى الله - جل وعلا - وإلى التوحيد ، وحديث معاذ يبين أن معاذا كان من الدعاة إلى الله ، وقد فصل فيه نوع تلك الدعوة إلى الله - جل وعلا - وكذلك حديث سهل بن سعد الذي فيه قصة علي فيه أيضا الدعوة إلى الإسلام ، فيكون هذان الحديثان كالتفصيل لقوله في الآية : أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فالدعوة على بصيرة هي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وهي الدعوة إلى توحيده وإلى الإسلام ، وما يجب على العباد من حق الله فيه .
صآحبة آلقُبعة آالحمراآء- اميرة مرشحة للاشراف
- المساهمات : 103
تاريخ التسجيل : 19/06/2018
العمر : 22
الموقع : قلب امي♥ ///لا يغرّنك ارتقاء السّهل إذا كان المنحدر وعراً.
رد: باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
في امان الله
صآحبة آلقُبعة آالحمراآء- اميرة مرشحة للاشراف
- المساهمات : 103
تاريخ التسجيل : 19/06/2018
العمر : 22
الموقع : قلب امي♥ ///لا يغرّنك ارتقاء السّهل إذا كان المنحدر وعراً.
رد: باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
بارك الله فيك
Milina- اميرة جديدة
- المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 16/09/2018
الموقع : ارض الله
مواضيع مماثلة
» لمادا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تسع زوجات, لماذا جمع النبي صلى الله عليه
» الدعاء الذي يجعل 70000 ملكا يستغفرون لك يوم القيامة
» اسماء الله الحسنى
» كيف اخرج النبي صلى الله عليه وسلم الجني من الصبي
» الدعاء الذي يجعل 70000 ملكا يستغفرون لك يوم القيامة
» اسماء الله الحسنى
» كيف اخرج النبي صلى الله عليه وسلم الجني من الصبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى